السبت، 3 نوفمبر 2012



الاسم العجيب (63)
فخرى كرم
عاش ربنا على الأرض كإنسانٍ كامل الإنسانية لا يهتم إلا بأن يعمل مشيئة الآب الذي أرسله ويتمم عمله، عاش الثلاثين سنة الأولى من عمره يضع نفسه «تحت الناموس» يتمم وصاياه وفرائضه، وفي المعمودية مُسح بالروح القدس ليتمم مشيئة خاصة لله على الأرض، وكم اجتهد وتعب لتتميم هذه المشيئة الخاصة!! فرأيناه أولاً يتعب ويجتهد كإنسان كامل لكي يعرف ويقبل هذه المشيئة في كل يوم، وثانياً رأيناه يتعب ويتألم من مقاومة الناس والمجتمع له، واليوم نضيف أنه أيضاً تعب وتألم من
(3) مقاومة الشيطان ومملكته
إذا كان الشيطان يقاوم المؤمنين بشكل عام ويجول دائماً يلتمس مَن يبتلعه إلا أن مقاومته تزداد قسوة وشراسة للمؤمن الذي يسعى لتتميم مشيئة الله في حياته، فالمؤمن الذي يريد أن يصنع مشيئة خاصة لله ينبغي أن يتوقع مقاومة خاصة من الشيطان، لأن المؤمن الذي يستأمنه الله على عمل خاص في الأرض يشكِّل خطراً داهماً على مملكة الشر!!
لذلك كان أول عمل للرب بعدما مُسح بالروح في المعمودية هو أنه ذهب للبرية لكي يُجرَّب من إبليس!! إننا نعرف جيداً أن إبليس يذهب للناس ويجرِّبهم لكننا لأول مرة نجد إنساناً يذهب لإبليس ويعطيه الفرصة كاملة لكي يجرِّبه!! كانت هذه المواجهة دليلاً على أن يسوع قد أتى للأرض لكي يتحدى رئيس هذا العالم وينقض أعماله، فإذا كان الشيطان يجول يصنع الشر ويبتلع النفوس فيسوع كان مزمعاً أن يجول يصنع الخير ويشفي النفوس.
إبليس يشبه رب البيت القوي الذي يحرس بيته متسلحاً، والبيت هنا هو العالم فالكتاب يعلِّمنا أن إبليس هو رئيس هذا العالم، ونفوس الناس الموجودين في العالم هي الأمتعة التي تقع تحت سلطان إبليس، وهو يسهر ويجتهد كل الوقت لكي تظل هذه النفوس تحت سلطانه، ولكي يحرر الرب هذه النفوس كان ينبغي أن يتواجه مع هذا القوي أولاً وينتصر عليه ويربطه ثم يأخذ أمتعته (مت12: 29)
لذلك رأينا مقاومة مملكة الشر للرب يسوع طوال حياته على الأرض، فبعدما انتصر ربنا عليه في الجبل يقول الكتاب أن الشيطان فارقه إلى حين، وعندما نزل ربنا إلى ساحة المعركة وبدأ يحرر النفوس من قبضة هذا العدو القاسي عاد إبليس يقاومه بعدة طرق مختلفة، فأحياناً يستخدم هياج قوى الطبيعة مثل البحر والريح لكي يُغرق سفينة التلاميذ، ومن انتهار الرب للبحر والرياح نفهم أن هناك قوى شيطانية عاقلة كانت وراء هذا الهياج!! وأحياناً أخرى يستخدم نفوس الأشرار والقادة العميان، فمنذ أول عظة له في مجمع الناصرة وجدنا الناس تأخذه لترميه من فوق الجبل!! وطوال خدمته تعرض للمكائد والأحابيل لكي يجدوا فرصة يشتكون عليه، ولقد كشف الرب أن إبليس هو الواقف وراء مجادلاتهم ومعارضتهم عندما قال لهم «أنتم من أب هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا» (يو8: 44) ولقد وصلت هذه المقاومة إلى ذروتها في الصليب عندما رفع الرب نظره إلى الأحداث الآتية عليه وقال «رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيّ شيء» (يو14: 30) ووقتها رأينا المقاومة واضحة في مؤامرات قادة اليهود وقسوة عسكر الرومان وتعييرات عامة الشعب، لكن الأشد إيلاماً كان أن الشيطان أحياناً قاوم الرب من خلال أحبائه!! رأيناه ينطق على لسان بطرس ويدخل في قلب يهوذا ويدفع بقية التلاميذ للتخلي عن الرب في أصعب أوقات حياته!!
 من الصعب أن يسير الإنسان كل حياته ضد مقاومة إبليس ومملكته، إبليس هو رئيس سلطان الهواء ومن الصعب أن تسير كل الوقت وأنت تشعر أن الهواء المحيط بك يقاومك!! لكن عبد يهوه الكامل احتمل هذه المقاومة في نفسه حتى أكمل عمله بالتمام، له كل المجد، وللحديث بقية (يتبع)