السبت، 5 أبريل 2014

أحاديث من القلب


يا صـاحب !!
فخرى كرم

«يا صاحب، لماذا جئت؟ يا يهوذا، أبقبلة تسلِّم ابن الإنسان؟» (مت26: 50، لو22: 48)

يا صاحب!! نعم، لقد اخترتك منذ ثلاث سنوات لكي «تصاحبني» في كل تفاصيل حياتي اليومية، أدخلتك إلى الدائرة الضيقة من تلاميذي واستأمنتك على ما يخصني، كنت أقصد من وراء هذا أن ترى فيَّ ما يجعلك تحبني وتختارني نصيباً لك وتقرِّر أن ترفض عبوديتك للمال وتختار أن تكون ابناً حقيقياً لله وتلميذاً أميناً لي، لكنك للأسف قرَّرت أن تظل كما أنت: مجرد صاحب!!

لماذا جئت؟! لقد انتهت مصاحبتك لي هناك في العلية عندما قدمت لك آخر أعمال محبتي وأنت رفضتها، لابد أن تعلم أن الإبن فقط هو الذي يبقى في البيت إلى الأبد أما «الصاحب» فلابد أن تأتي لحظة حين لا يستطيع أن يكمل المسير معي، أنا هنا الآن لكي أُكمل مشيئة أبي أما أنت فقد اخترت أن تصنع مشيئتك، لا يمكن ان تصاحبني فيما بعد، فلماذا جئت؟!

أبقبلة تسلِّم ابن الانسان؟! هل إلى هذه الدرجة يمكن أن يكون الانسان مخادعاً؟! هل علَّمك الشرير كيف تغلِّف أحط خيانة بأرق مشاعر؟! ألم تتعلم مني في كل هذه السنين كيف تكون صادقاً وأميناً؟! كيف استطعت أن تضيِّع كل هذه الفرص للتعلُّم والتغيُّر؟! كيف يستطيع الإنسان أن يفقد كل الفرص المقدمة له للخلاص ويخسر كل أعمال المحبة التي تعتني به في كل يوم؟! علَّمتك أن يكون كلامك نعم نعم ولا لا، فكيف تأتي اليوم لتسلِّم ابن الإنسان للموت بقبلة محبة؟!

يا صاحب، لقد كان ولاؤك دائماً لنفسك وسعيك دائماً لمصلحتك، لم تستطع أبداً أن تتحرَّر من أسر ذاتك وقيود أنانيتك، ظللت تصاحبني طالما كانت هناك مصالح في السير معي ولكن عندما بدأت سفينتي تتعرض للأمواج الصاخبة والرياح المضادة قررت أن تقفز من السفينة وتنجو بنفسك بأي مكسب تستطيع الحصول عليه، لكني أريدك أن تعلم أن سفينتي مهما تعرضت للمقاومة والإضطراب فلابد أن ترسو يوماً بآمان على الشاطئ لأني في كل حين أفعل مشيئة الذي أرسلني، أما مَن يقفز من سفينتي فهو يلقي بنفسه إلى أعماق الظلمة حيث لا فرصة قط للنجاة!!

 يا صاحب، ربما كنت تخدع نفسك بأنك تستطيع أن تتوب وترجع إذا تحسنت الأحوال وهدأت الأمواج، لكن للأسف أريدك أن تعلم أن مَن أُستنير مرة وذاق الموهبة السماوية وصار شريكاً للروح القدس وذاق كلمة الله الصالحة وقوات الدهر الآتي ثم قرر أن يسقط ويرتد لا يمكن تجديده أيضاً للتوبة، لأن الأرض التي شربت المطر الآتي عليها مراراً كثيرة وأخرجت شوكاً وحسكاً فهي مرفوضة وقريبة من اللعنة، ستندم وتشعر بالخسارة لكنك لن تعرف طريقاً للرجوع لأنك رفضتني أنا الطريق والحق والحياة، وستشعر يومها أنه كان من الأفضل لك لو لم تُولد!!

يا صاحب، يؤسفني أن هناك الكثيرين الذين سيتبعون طريقك ويسلكون مسلكك في كل أجيال الكنيسة، «يصاحبون» المؤمنين الحقيقيين في حياتهم وعبادتهم وخدمتهم، لهم صورة التقوى ولكنهم ينكرون قوتها، يملأون الكنائس طالما هناك مصلحة وعند أول اضطراب أو اضطهاد يتحينون الفرصة للقفز من السفينة، كم يعتصرني الحزن على مصيرهم وأشفع لأجلهم ليلاً ونهاراً لعلهم يتحولون إلى مؤمنين حقيقيين وتلاميذ أمناء لي قبل فوات الآوان!!