الثلاثاء، 1 يناير 2019

صفحة يسوع هو الحياة

صفحة ( يسوع هو الحياة ) بها مجموعة من المقالات و العظات الروحية المفيدة لباقة من رجال الله الأتقياء ... بعمل ( إعجاب ) ( لايك like ) للصفحة يصلك كل جديد من المقالات و العظات ....رابط الصفحة هو :-

https://www.facebook.com/%D9%8A%D8%B3%D9%88%D8%B9-%D9%87%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-532483980169207/

أحاديث من القلب


موعظة الجبل (24)
بقلم : فخرى كرم
«متى صنعت صدقة فلا تعرِّف شمالك ما تفعل يمينك» (مت6: 3)
العطاء صفة جوهرية في طبيعة الآب السماوي الذي هو «أبو الأنوار» الذي تنزل من عنده كل عطية صالحة وكل موهبة تامة، عطاء الله لخليقته متواصل طوال الوقت لا يتوقف أبداً، فلو توقف هذا العطاء للحظة واحدة توقف سريان الحياة نفسها، وعندما صنع الله خليقته وضع في جوهرها قانون العطاء بحيث لا تستمر الحياة إلا باستمرار العطاء، الشمس لا تكف عن الشروق كل يوم لتعطي النور والدفء والحياة لكل الأرض، والأرض كلها في حالة تبادل للمنفعة والعطاء لا يتوقف لحظة واحدة، ضوء الشمس يعطي الغذاء للنبات والنبات يعطي الغذاء للحيوان الذي يعطي بمخلفاته الغذاء للتربة لكي ينمو النبات!! الأمطار تعطي الحياة للأنهار التي تروي الأرض وتتبخر مياهها لتعطي سحاباً يمطر على الأرض ويتحول إلى أنهار من جديد، وهكذا دواليك حتى يأذن الله بنهاية للزمان، ان دورة الحياة على الأرض هي في جوهرها دورة عطاء متبادل!!
غريزة الأبوة أو الأمومة ماهي إلا رغبة دفينة للعطاء، فالأب لا يشعر بكمال رجولته إلا إذا أعطى من نفسه وقوته لأبنائه، وكذلك الأم لا تشعر بالشبع إلا إذا منحت كل اهتمام وحنو لأطفالها، الذين بدورهم عندما يكبرون يصبحون أباء وأمهات لأجيال جديدة، ولا يمكننا للحظة تخيل الحياة بدون هذا العطاء المتواصل عبر الأجيال!!
ولأن العطاء هو طبيعة الله فلابد أن تظهر ذات الطبيعة في أبنائه، فكل ابن لله يجد سروره في العطاء الدائم والمستمر، ولا يمكن للمؤمن المسيحي أن يتمتع بشركة حقيقية مع أبيه السماوي بدون أن يشترك معه في عطائه لخليقته، سواء كان هذا العطاء على المستوى المادي أو النفسي أو الروحي، وسواء كان العطاء للأحباء أو للأعداء، دون اعتبار لرد الفعل أو انتظار للمجازاة، فالله يشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين، ولذلك قال ربنا «أحسنوا وأقرضوا وأنتم لا ترجون شيئاً فيكون أجركم عظيماً وتكونوا بني العلي، فإنه منعم على غير الشاكرين والأشرار» (لو6: 35)
الدافع الوحيد للعطاء عند أبناء الملكوت هو أن يتوافقوا مع الآب السماوي في طبيعته ويشتركوا معه في عمله المتواصل في خليقته، عندما يقدمون عطاء للآخرين يكون هدفهم الوحيد هو اشباع قلب الله وتتميم مشيئته، ولذلك هم يقدمون عطاءهم أمام عيني الآب وليس أمام عيون الناس، لا يبحثون عن تقدير الناس ولا يستجدون مديحهم، لا يسعون لتعريف القريبين منهم بما يفعلون من احسان حتى لو كانوا في قرب اليد اليسرى، ولا يبتكرون أساليب زاعقة وعلانية للعطاء لكي يلفتوا أنظار البعيدين عنهم!!  
العطاء بالنسبة لأبناء الملكوت ليس نشاط يقوم به الأغنياء تجاه الفقراء بل هو أسلوب حياة وطبيعة قلب ومجال للعبادة، ولذلك تجد حتى الفقراء منهم يسرون بالعطاء!! لقد قدمت كنائس مكدونية عطايا سخية بفرح رغم فقرهم الشديد، والسبب هو أنهم قدموا أولاً أنفسهم للرب، فكان اتحادهم بالرب هو الدافع لعطائهم (2كو8: 1-5) والأرملة الفقيرة التي وضعت الفلسين في خزانة الهيكل كانت متوافقة ومرضية لقلب الرب أكثر من جميع الأغنياء (لو21: 3) وللحديث بقية (يتبع)