السبت، 1 يونيو 2013

الاسم العجيب (68)
فخرى كرم
قلنا أن من صفات العبد أنه يصنع إرادة سيده وليس إرادته الخاصة وأنه يعمل بدون انتظار لأجر، ورأينا كيف انطبقت هاتان الصفتان على حياة ربنا يسوع المسيح تمام الانطباق، وفي المرة السابقة تكلمنا عن أرقى صفات العبد والتي تجعل منه عبداً أبدياً وليس مؤقتاً ألا وهي المحبة للسيد، فالعبد إذا أحب سيده يبقى في بيته إلى الأبد ويخدم ليس بدافع الالتزام فقط بل بدافع المحبة القلبية، ونريد اليوم أن نرى كيف تحققت هذه الصفة في حياة ربنا له المجد

«أن أفعل مشيئتك يا إلهي سُررت، وشريعتك في وسط أحشائي»(مز40: 8)

 مشيئة الله وشريعته يمثلان التزاماً بالنسبة للبشر جميعاً، وكلنا يشعر بمدى ثقل هذا الالتزام، الخطية التي ملكت في أعماقنا جعلت حفظ شريعة الله وعمل مشيئته عبئاً ثقيلاً على كاهلنا، الإنسان يشعر أن ما يريده مضاد لما يريده الله وأن مشيئته تسير عكس مشيئة الله، في جنة عدن وضع إبليس في ذهن وقلب آدم وحواء أن وصية الله تتعارض مع مصلحتهما وأن مشيئته تعالى لا تعمل لخيرهما، ولقد توارثنا جميعاً كأبناء آدم هذا الانطباع الخاطئ وصدقناه، وصار كل واحد فينا يُولد وبداخله نفور من الخضوع لوصايا الله وميل غريزي لكسرها!!
وإذا كانت الغالبية العظمى من البشر يكسرون وصية الله وشريعته في كل يوم، وإذا كانوا يفعلون هذا بتلقائية شديدة دون تردد أو خوف، فإن التاريخ شهد ومازال يشهد أناس أرادوا أن يصنعوا إرادة الله رغبة منهم للوصول إلى رضاه وهرباً من عقابه، هؤلاء عانوا كثيراً من مقاومة رغباتهم الداخلية وصارعوا طويلاً ضد ميولهم الذاتية، هؤلاء مَن اصطلحنا على تسميتهم «الأتقياء» الذين هم شعب الله في كل زمان ومكان، ورغم أن طبيعتهم الساقطة والخطية الساكنة في أعماقهم كانت تنتصر عليهم في أحيان كثيرة وتجعلهم يخطئون في أفكارهم وأفعالهم إلا أنهم على أي حال كانوا أفضل مَن عاش على أرضنا!! هؤلاء هم «عبيد الله» الذين حاولوا بكل طاقتهم أن يفعلوا إرادة الله وليس إرادتهم الخاصة، والبشرية كلها مدينة لعبيد الله هؤلاء بكل الخير الذي صنعه الله على أيديهم ومن خلالهم.
ولكن لا أحد من هؤلاء العبيد يستطيع أن ينكر أنه عانى كثيراً لكي يصنع مشيئة الله، جميعهم صارع مع رغبات خاطئة ساكنة في أعماقه، جميعهم باتوا ليالٍ ظلماء وزرفوا دموعاً سخينة في صراعهم لتتميم شريعة الله، فأكثر الناس تقوى يعاني كثيراً لكي يظل خاضعاً لمشيئة الله ووصاياه!!

ولكننا عندما نرفع أعيننا عن كل عبيد الله ونلتفت إلى العبد الكامل ربنا يسوع المسيح نكتشف شيئاً فريداً!! إنه لم يكن يعاني لكي يعمل مشيئة الله بكل كان هذا سروره!! شريعة الله لم تكن ثقلاً على ذهنه أو التزاماً على ضميره بل كانت منسوجة في أحشائه، أي في مركز عواطفه ومحبته، لقد أطاع يسوع مشيئة الآب وتممها لأنه يحب الآب ويجد سروره في رضاه، هناك فرقاً جوهرياً بين عبودية يسوع لله وبين كل عبيد الله على مدار التاريخ، يسوع لم يُطع الله خوفاً أو التزاماً أو اضطراراً بل فقط حباً قلبياً خالصاً، له كل المجد!! وللحديث بقية (يتبع)