السبت، 4 مايو 2013


ساعة واحدة
فخرى كرم
«أهكذا ما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة؟! اسهروا وصلوا لئلا
تدخلوا في تجربة، أما الروح فنشيط وأما الجسد فضعيف»(مت 26: 40)
ساعة واحدة كانت تفصل بين الرب وآلام الصليب، ساعة واحدة كانت تفصل «حَمَل الله» عن مواجهة الذئاب الجائعة وسكين الذبح، ولقد قرر ربنا أن يقضي هذه الساعة الواحدة في الشركة مع الآب، كان جسده ضعيفاً للغاية ويحتاج للراحة لكن روحه النشيطة قررت أن تقضي هذه الساعة في الصلاة، كان ربنا يعلم أن ساعة واحدة في الصلاة تصنع فارقاً كبيراً في الساعات التي تليها، ساعة واحدة يقضيها في النور تعينه لمواجهة ساعات مملوءة بالظلمات الكثيفة، ساعة واحدة في شركة مع الحق تسنده في مواجهة سيول من الأكاذيب ستملأ الساعات التالية، ساعة واحدة يسكب فيها مشاعره الحزينة أمام الآب سترسل له ملائكة من السماء لتقويه.
ولأن الرب يحب تلاميذه أعطاهم شرف أن يشاركوه هذه الساعة الفارقة، طلب منهم أن يسهروا ويصلوا معه، كان سيدهم يعلم أنهم إذا قضوا هذه الساعة في الصلاة فسوف تختلف تماماً ردود أفعالهم تجاه الأحداث التالية، وكان يعلم أيضاً أن عدم صلاتهم في هذه الساعة سيعطي فرصة مواتية للعدو لكي يجرِّبهم، عدم استعدادهم سيتيح للعدو أن يقذفهم بسهام الشك والخوف والحزن، وهذه السهام ستخترقهم وتصنع جراحاً في أعماقهم لأنهم لم يسهروا هذه الساعة الواحدة ويصلوا!!
ولكن على العكس من تصرف الرب استسلم التلاميذ لضعف الجسد وناموا!! ربما كانت أرواحهم نشيطة وتريد أن ترافق الرب في صلاته ولكن أجسادهم كانت تريد النوم والراحة، وللأسف نجدهم ينحازون إلى رغبة الجسد ويستسلمون للنوم ويتركون الرب يصارع وحده في خلوته مع الآب، لم يكن أحد منهم يتصور أن هذه الساعة الواحدة يمكنها أن تصنع كل هذا الفارق، لم يتصور أحد من التلاميذ أنه لو سهر وصلَّى ساعة واحدة لتفادى أيام طويلة من الخوف والحزن والاختباء!! وبطرس نفسه لم يكن يتصور أنه لو سهر هذه الساعة الواحدة وصلَّى لتجنَّب ساعات طويلة من الانكسار والبكاء المرير!!
ولكن دعونا لا نلقي اللوم على التلاميذ لأننا لسنا أفضل منهم، فمن منا اليوم يعتقد أن ساعة واحدة نقضيها في المقادس في الصباح الباكر تصنع فارقاً كبيراً في كل ساعات يومنا؟! من منا يسهر ويصلي في جوف الليل وسكونه ولا يتجاوب مع ضعف الجسد ورغبته في النوم والراحة؟! هل نصدق أن الكثير من التجارب التي صادفتنا كان من الممكن تجنبها إذا صرفنا ساعة واحدة في الصلاة؟! هل فهمنا أن الساعات الطويلة التي نقضيها في الخوف والحزن والاكتئاب هي بسبب أننا أهملنا ساعة واحدة في الشركة مع الآب؟!
دعونا نأخذ نصيحة الرب لتلاميذه في تلك الليلة الحزينة بمأخذ الجد، دعونا نعتبرها موجَّهة لنا بالتحديد في أيامنا الصعبة التي نحياها الآن في بلادنا، إننا لا نعلم الآتي علينا في الساعات القادمة وفي كل يوم تفاجئنا أحداث مؤلمة ومحزنة، ولأننا غير مستعدين نتعرض لتجارب كثيرة من خوف وحيرة وعدم إيمان، هل سنظل مستسلمين لضعف الجسد ونومه أم ستنهض أرواحنا نشيطة وتسهر الليل في الصلاة والتضرع؟! هل سنتعلم من سيدنا أن نتقدم إلى عرش النعمة ونخرُّ على وجوهنا ونصلي؟! ليتنا نتعلم قبل فوات الوقت وضياع الفرص!! وكل عام وأنتم بخير.