الأربعاء، 5 فبراير 2014

أحاديث من القلب


الاسم العجيب (75)
فخرى كرم

قلنا أن ملكوت ربنا يسوع المسيح الذي سيُعلن في مجيئه الثاني سيختلف جذرياً عن أي ملكوت آخر عرفته الأرض، فمن جهة الشرعية هو يستمد شرعيته من الله وليس الناس، ومن جهة الامتداد هو يمتد مادياً ليشمل كل المسكونة ويمتد روحياً ليضم كل النفوس البشرية والأجناد الروحية الصالح منها والشرير!! واليوم نضيف أن هذا الملكوت سيختلف أيضاً في:

(3) طبيعة الملكوت

ملكوت المحبة والخدمة: طبيعة أي ملكوت على الأرض هي القوة الحاكمة والتسلط على الناس والتحكُّم في مصائرهم، وتُقاس قوة أية مملكة بقدرتها على إخضاع شعبها والتحكم فيه، وقد لخَّص ربنا هذه الحقيقة عندما قال لتلاميذه «أنتم تعلمون أن رؤساء الأمم يسودونهم، والعظماء يتسلطون عليهم» ولكن ربنا يستطرد ليشرح لتلاميذه طبيعة ملكوته المختلفة تماماً «فلا يكون هكذا فيكم، بل من أراد أن فيكم عظيماً فليكن لكم خادماً، ومَن أراد أن يكون فيكم أولاً فليكن لكم عبداً، كما أن ابن الإنسان لم يأتِ ليُخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين» (مت20:  25-28) لأول مرة ترى الأرض ملكاً يسود شعبه بسبب محبته وخدمته لهم وليس بسبب التسلط عليهم وقهرهم!! وليس هذا لنقص في قوة هذا الملك فربنا لديه القوة لإخضاع كل أطراف الأرض والسموات لشخصه لكن السبب هو اختلاف طبيعة هذا الملك السماوي عن كل ملوك الأرض، إنها طبيعة الحب والتضحية وليست طبيعة السيادة والتسلط، طبيعة العطاء وليس الأخذ!!

ومن الشاهد الموجود في (في2: 5-11) نعلم أن ربنا لم يرتفع ويأخذ اسماً فوق كل اسم وتجثو باسمه كل ركبة في السماء وعلى الأرض وتحت الأرض ويعترف بربوبيته كل لسان إلا لأنه أولاً تنازل وأخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس وطائعاً حتى الموت موت الصليب، إنه المُلك المؤسس على التواضع والخدمة وليس على الكبرياء والتسلط!!

ملكوت السلام والحق والبر: من أعظم النبوات التي تحدثت عن ملكوت ربنا هي الواردة في (أش9: 6، 7) «لأنه يُولد لنا ولد ونُعطى ابناً، وتكون الرياسة على كتفه، ويُدعى اسمه عجيباً، مشيراً، إلهاً قديراً، رئيس السلام، لنمو رياسته وللسلام لا نهاية على كرسي داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر»  إن سبب غياب السلام من ممالك الأرض هو غياب الحق والبر، شعور الناس بالظلم والفساد يدفعهم للعنف والتمرد، أما طبيعة ملكوت ربنا يسوع المسيح فهي السلام والسبب هو أنه يثبِّت مملكته على الحق والبر!! وهذا ما أكده الرسول بولس في قوله لأهل رومية «لأن ليس ملكوت الله أكلاً وشرباً بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس» (14: 17) لأن ملكوت الله مؤسس على البر والعدل فلابد أن يسوده السلام والتوافق ويمتلئ أفراده بالفرح والسرور!!

إن الأرض لن ترى هذا الملكوت الرائع إلا في مجيء ربنا الثاني لكن المؤمنين بالمسيح يستمتعون الآن بالوجود في هذا الملكوت بهيئته الروحية غير الظاهرة للعالم، طوبى لكل مَن دخل هذا الملكوت ويوجد فيه، وللحديث بقية (يتبع)