الموت مع المسيح (5)
بقلم/ واتشمان ني
«كذلك أنتم أيضاً احسبوا أنفسكم أمواتاً عن الخطية
ولكن أحياء لله بالمسيح يسوع ربنا» (رو6: 11)
إن كلمة
«احسبوا» هنا في غاية الأهمية، معظمنا يريد أن «يشعر» أن إنساننا العتيق قد مات،
نريد أن يكون موت الإنسان العتيق «محسوساً» في كياننا، ولكن لو حاولنا أن نشعر
بموت الإنسان العتيق فلن نختبر أبداً موته!! إن الإنسان العتيق لا يموت بالنسبة
لإحساسنا أو شعورنا، بل على العكس كلما اعتمدنا على الإحساس كلما «أحسسنا» بوجوده
وطالما اتكلنا على الشعور سنظل «نشعر» أنه حي!! إنساننا العتيق لم يُصلب بالنسبة
للشعور أو الإحساس بل بالنسبة للإيمان، كيف «نحسب» أنفسنا أمواتاً عن الخطية؟
بالإيمان، إن «الحسبان» هو عمل من أعمال الإيمان، هو تطبيق الإيمان عملياً.
«الحسبان» هو
عمل إرادي، إنه حكم الإرادة على الإنسان العتيق، إنه ليس عمل المشاعر أو الإحساس
بل إصدار حكم الإرادة وتنفيذه بالإيمان، من الخطأ أن تقول «أنا لا أشعر بأن إنساني
العتيق قد مات»، لأن موت الإنسان العتيق لا يتوقف على ما إذا كنت تشعر بهذا أم لا
بل على ما إذا كنت تؤمن بهذا أم لا!!
كيف نحسب
أنفسنا أمواتاً؟ بأن تؤمن بأن موت الرب يسوع على الصليب كان موتاً لإنسانك العتيق،
لقد مات يسوع مع إنساننا العتيق، لقد مات إنسانك العتيق منذ ألفين سنة!! إن موت
إنساننا العتيق هو حقيقة واقعة في عيني الله، وينبغي أن نبدأ نرى أنفسنا كما يرانا
الله، وكلما بدأنا نحسب هذه الحقيقة في قلوبنا كلما بدأ الله في تنفيذها في أرض الواقع!!
ينبغي علينا أن نبدأ نمارس إرادتنا في حسبان أنفسنا أمواتاً عن الخطية، وعندئذ
سنبدأ نختبر فعلياً أننا أصبحنا أحراراً من سلطة الخطية.
فعل وموقف
إن الحسبان
«فعل» كما أنه «موقف»، الفعل يكون مرة واحدة تجاه أمر محدد أما الموقف فهو اتجاه
قلبي ثابت طوال الوقت، هذا يعني أننا نحسب أنفسنا أمواتاً عن الخطية مرة واحدة في
حياتنا ثم نحتفظ بهذا الموقف ثابتاً في قلوبنا طوال الوقت، عندما يشرق الله في
قلوبنا بإعلان موتنا مع المسيح لابد أن نتجاوب مع هذا الإعلان بالإيمان ونحسب أننا
متنا مع المسيح عن الخطية، لكن هذا الفعل الذي تم في يوم محدد ينبغي أن يصير
موقفاً قلبياً ثابتاً كل أيام حياتنا، «الفعل» هو البداية و«الموقف» هو الاستمرارية،
لابد أن يكون هناك على الأقل مرة واحدة نتخذ فيها قراراً أمام الله أننا سنحسب
أنفسنا من هذه الساعة فصاعداً أمواتاً عن الخطية، لكن بعد هذا القرار المحدد لابد
أن نحافظ عليه كموقف ثابت كل أيام حياتنا.
للأسف هناك
كثيرون لا يفهمون هذا ويعتقدون أنهم باتخاذهم قرار الموت مع المسيح مرة واحدة لن
تواجههم فيما بعد صعوبات مع الإنسان العتيق بداخلهم، إنهم يظنون أنه كما يموت
الإنسان جسدياً مرة واحدة ولا يعود موجوداً بالجسد مرة أخرى هكذا الأمر مع موت
الإنسان العتيق، يعتقدون أن الإنسان العتيق يموت مرة واحدة ولا يعود موجوداً مرة
أخرى، ولذلك هناك كثيرون يظنون أن إنسانهم العتيق قد قام من الموت وعاد لينغِّص
عليهم حياتهم!! لكن الحقيقة أن معنى الموت في الأمور الروحية يختلف تماماً عنه في
الأمور الجسدية، أننا نحتاج أن نحسب أنفسنا في كل يوم بل وكل ساعة أننا أمواتاً عن
الخطية، ولو كففنا عن هذا الحسبان ساعة واحدة فسوف نختبر أن إنساننا العتيق مازال
حياً ويعمل!! وللحديث بقية (يتبع)