السبت، 3 أكتوبر 2015

أحاديث من القلب

الأوقات والأزمنة (1)
فخرى كرم
«هو يغيّر الأوقات والأزمنة، يعزل ملوكاً وينصّب ملوكاً» (دا2: 21)
يعلِّمنا الكتاب المقدس أن الله يقسِّم تاريخ الأفراد والشعوب إلى أوقات وأزمنة محددة ومميَّزة، فمشيئة الله في حياة الأفراد والشعوب تمر في طريق تنفيذها بعدة مراحل متعاقبة، كل مرحلة تتميز بطبيعة وسمات تختلف عن سواها من المراحل، وكل مرحلة لها أهداف تختلف عن المراحل السابقة واللاحقة، وكل مرحلة تنتهي متى حققت أهدافها لتسلم الأمور لمرحلة تالية، وكل مرحلة يكون مسئولاً عن تنفيذها قوى سماوية وأرضية تختلف عن القوى المسئولة عن تنفيذ المراحل الأخرى، فسفر دانيال يعلمنا أن الله له الحكمة والجبروت وأنه وحده له السلطان أن يغيِّر الأوقات والأزمنة، وهو يغيِّر هذه الأوقات والأزمنة بواسطة أنه يعزل ملوكاً وينصِّب ملوكاً، وهؤلاء الملوك ليسو فقط ملوك الأرض بل الملوك الموجودون في السماء أيضاً، أي القوات الروحية الملائكية والشيطانية (دا10: 12-21)!!
«ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التي جعلها الآب في سلطانه» (أع1: 7)
ليس لأحد من البشر القدرة ولا السلطان أن يعرف بدايات ونهايات هذه الأوقات والأزمنة، فتحديد بدايات ونهايات وأهداف هذه المراحل الزمنية هو في سلطان الآب فقط، ونتعلم هذا من إجابة الرب على سؤال التلاميذ بخصوص نهاية زمان «العبودية» بالنسبة للشعب اليهودي وبداية زمان آخر هو زمان «رد المُلك لإسرائيل» (أع1: 6) ووقتها أجابهم الرب بأنهم غير مسئولين عن معرفة بدايات ونهايات الأزمنة لكنهم مسئولون فقط عن تنفيذ المطلوب منهم في المرحلة الحاضرة وهو أن يكونوا له شهود في أورشليم واليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض!!
«يا مراؤون تعرفون أن تميِّزوا وجه الأرض والسماء وأما هذا الزمان فكيف لا تميزونه؟!» (لو 12: 56)
الرب لا يطالبنا بأن نعرف متى يبدأ زمان ما أو متى ينتهي لكنه في نفس الوقت يطالبنا بأن نميِّز الزمان الذي نحن فيه ونتجاوب معه، فالإنسان الذي يهتم بأن يعرف ويميز وجه الأرض والسماء ينبغي ان يهتم بمعرفة وجه الزمان الذي يعيش فيه، قال ربنا هذا الكلام لجيل يميّز أن غده سيكون مطيراً إذا رأى سُحب تطلع من المغارب (الحدود الغربية لأرض فلسطين هي البحر المتوسط) ويتوقع طقساً حاراً إذا وجد الريح تهب من الجنوب (الحدود الجنوبية لأرض فلسطين هي الصحراء العربية) بينما هذا الجيل المرائي لم يستطع أن يلاحظ سُحب النعمة المحمَّلة بالبركات التي غطت سماء إسرائيل في وقت خدمة ربنا يسوع المسيح، الذي كان يجول «يُمطر» خيراً وشفاءً لكل نفس تحتاج إليه!! وهذا الجيل الملتوي لم يعرف أن يميز الريح الساخنة الآتية من الصحراء الجرداء الموجودة في نفوس الكهنة والقادة المقاومين لخدمة ربنا المبارك، تلك الرياح التي كانت تنذر بأيام شديدة الحرارة ستحرق الأخضر واليابس في أرض إسرائيل!!

كيف يصل الغباء بالإنسان حتى أنه لا يميّز معاملات الله معه ولا يتجاوب معها، كيف نظن أننا نفهم في أحوال الطقس وقوانين الطبيعة ودهاليز السياسة وطبائع البشر..ألخ  بينما نحن لا نفهم ما يقوله الله لنا مرات كثيرة وبطرق متعددة؟! الإنسان الذي لا يميز مشيئة الله في زمانه لن يستطيع أن يتجاوب معها بالشكل الصحيح ولن ينفذها في وقتها المناسب، وبالتالي ستمر أيامه بلا جدوى وتضيع الفرص الثمينة من يديه وتنتهي حياته دون تحقيق الغرض منها!! ليتنا نتعلم يا إخوتي أن نميز زماننا قبل فوات الفرصة!! (يتبع)