السبت، 2 نوفمبر 2013

أحاديث من القلب

الاسم العجيب (73)
فخرى كرم
قلنا أن أي ملكوت على الأرض يحتاج إلى شرعية تسنده وتعطيه الصلابة والاستمرارية، وقلنا أن هناك نوعين من الشرعية تعرفهما ممالك الأرض، أولهما هو «شرعية القوة» فمنذ القديم كانت الأمم التي تمتلك القوة تمتلك شرعية فرض نفوذها على الأمم الأخرى، واليوم نريد أن نضيف النوع الثاني من الشرعية:
«شرعية الانتخاب»: وهذه النوعية لم تعرفها الشعوب إلا حديثاً بعدما أتعبتها الحروب والصراعات وقررت أن تكون أكثر تحضراً ورُقيَّاً، وهذه الشرعية مستمدة من رضا الشعوب واختيارهم وليس من السيطرة عليهم وقهرهم، وفي هذه النوعية من الشرعية يحتاج الملك أو الرئيس إلى رضا الناس عليه وانتخابهم له من وسط آخرين ليكون ملكاً عليهم أو رئيساً لهم.
والآن دعونا نسأل: من أي النوعين ستكون شرعية ملكوت ربنا يسوع المسيح عندما يعود في مجيئه الثاني؟ هل سيفرض ربنا ملكوته باستخدام القوة القاهرة؟ أم سينتظر محبة الناس له وانتخابهم له ملكاً؟!! والإجابة هي: لا هذا ولا ذاك!! فالحقيقة أن ملكوت ربنا يسوع المسيح سيختلف تماماً في شرعيته عن أي ملكوت آخر عرفته الأرض، إن شرعية ملكوت ربنا ستكون
الشرعية الإلهية
إن مالك الأرض الشرعي هو الله وحده ولا سواه، والكتاب يعلمنا أن للرب الأرض وملؤها والمسكونة وكل الساكنين فيها (مز 24: 1) ومن يريد أن يملك على الأرض مُلكاً شرعياً حقيقياً لابد أن يستمد ملكوته من رضا الله وسلطانه.
اختار الشعب القديم شاول بن قيس ملكاً عليهم بسبب قامته وهيئته الحسنة في عيونهم، إذاً كان ملكوت شاول ملكوتاً يستمد شرعيته من رضا الناس وانتخابهم، لكن هذا الملكوت للأسف لم يحظَ برضا الله وتأييده شأنه شأن كل ملكوت آخر يستمد شرعيته من الناس، ولكن عندما اختار الله داود ملكاً على شعبه لم يكن داود وقتها يتمتع بالقوة القاهرة ولا برضا الناس وتأييدهم لأنه لم يكن بعد معروفاً منهم، إذاً لم تكن شرعية ملكوت داود هي شرعية القوة ولا شرعية الانتخاب بل شرعية إلهية مؤيدة برضا الله وسلطانه!!

ولذلك وعد الله داود أن ملكوته سيستمر إلى الأبد من خلال أبنائه وأحفاده (2صم7: 16) وعندما أتى ملء الزمان جاء ربنا في الجسد من نسل داود الملك، وأُرسل جبرائيل الواقف أمام الله برسالة لمريم العذراء تقول «وها أنتِ ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع، هذا يكون عظيماً وابن العلي يُدعى ويعطيه الرب الإله كرسيّ داود أبيه، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية» (لو1: 31-33) وكانت هذه هي أول إشارة في العهد الجديد تقول أن الله سيعطي لربنا يسوع المسيح مُلكاً أبدياً لا نهاية له، وأن ملكوت ربنا يتمتع بالشرعية الإلهية التي تجعله ملكوتاً أبدياً مؤيداً برضا الله وسلطانه، ثم توالت بعد ذلك الإشارات والإعلانات في العهد الجديد التي تؤكد على ملكوت ربنا يسوع المسيح وتزيده وضوحاً، وللحديث بقية (يتبع)