الخميس، 31 ديسمبر 2015

أحاديث من القلب

الأوقات والأزمنة (4)
فخرى كرم
«ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه» (غل4:4)
دعوة الله للإنسان مُمثلاً في شعبه القديم هي دعوة للتمتع بميراث سماوي كامل، ولكن بسبب أن ادراك الإنسان للأمور السماوية كان ادراكاً قاصراً قرر الله أن يضع الشعب القديم تحت أوصياء ووكلاء إلى الوقت المؤجل منه، قرر الرب أن تمر دعوته للإنسان في مرحلتين رئيسيتين، المرحلة الأولى وهي مرحلة الناموس ومرحلة أخيرة وهي مرحلة النعمة، ولقد عيّن الله وقتاً محدداً لكل مرحلة لا يمكن تخطيه.
في المرحلة الأولى قرر الرب أن يضع الإنسان تحت وصاية الناموس ليكون مؤدباً للإنسان إلى المسيح (غل3: 23، 24) كان هدف الناموس هو زيادة وعي الإنسان وادراكه للأمور الروحية السماوية، كان يتعامل مع الإنسان بمنطق الأمور المادية التي يسميها الرسول «أركان العالم» لكي يصل بالإنسان للأمور غير المادية المُذخرة له في ميراثه الكامل، كان الناموس بطقوس القداسة الجسدية يهدف لقيادة الإنسان لمعرفة أن الله قدوس لا يقبل الخطية، تمهيداً للإنسان لكي يطلب قداسة روحية أكثر عمقاً من قداسة الطقوس الخارجية، القداسة الحقيقية التي أتى بها يسوع من خلال سكنى الروح القدس.
كان الناموس من خلال مجموعة ضخمة من الوصايا والتشريعات يحاول أن يُنمِّي داخل الإنسان ضرورة السلوك بالبر أمام الله، ورغم أن وصايا الناموس وفرائضه لا تصنع براً حقيقياً كاملاً إلا أن المقصود منها أن تدفع الإنسان إلى طلب البر الحقيقي الذي سيأتي به المسيح.
وكان كل يوم يمر في تاريخ الشعب القديم يقتطع من الفترة الزمنية المحددة من الله لاكتمال زمن الناموس، كان الزمن محدداً أمام الله حتى أن النبوات أشارت إلى زمن مجيء المسيا بدقة شديدة، وفي (غل4:4) يشبِّه الرسول زمان الناموس بإناء فارغ تتساقط فيه حبات رمل بشكل منتظم، كل يوم يمر تضاف حبة رمل للإناء، ورغم أن حبة الرمل الواحدة قد تبدو للعيان تافهة وبلا قيمة إلا أن انتظام تساقط حبات الرمل يؤدي لامتلاء الإناء، كل يوم يمر كان يقترب بنهاية زمن الناموس وبداية زمن النعمة، إلى أن جاء يوم امتلأ الأناء بآخر حبة رمل، لم يعد الإناء قادراً على استيعاب المزيد!! 
كانت حبة رمل عادية مثل أي حبة أخرى لكنها كانت الأخيرة، كان يوم مجيء يسوع يوماً عادياً مثل أي يوم آخر قضاه الشعب تحت وصاية الناموس، لكنه بحسب توقيت الله كان اليوم الأخير في زمن الناموس، كان هذا اليوم هو «ملء الزمان»!! لقد «امتلأ» زمن الناموس ولا يمكن اضافة يوم واحد إليه!! لن يقبل الله من الإنسان ولو ليوم واحد آخر الاستمرار تحت قداسة الناموس الطقسية وبره الظاهري، لن يقبل الله مرة أخرى دم تيوس وعجول بعدما أتى يسوع ليدخل بدم نفسه إلى الأقداس الحقيقية ويجد لنا فداءً أبدياً، لن يتسامح الله ولا ليوم واحد آخر مع تنقية خارج الصحفة والكأس بينما الداخل ممتلئ اختطاف ودعارة، لن يقبل الله ولا ليوم واحد آخر منهج تصفية البعوضة وابتلاع الجمل!!

وتبقى المأساة الحقيقية أن الإنسان لا يميِّز الأوقات والأزمنة، لقد ظن قضاة الشعب ورؤساؤه أن زمن الناموس مستمر لا يمكن أن ينتهي، وانتظروا مسيحاً يأتي ليخضع معهم لنفس منهاج الناموس القديم، لم يتوقعوا قط أن يغيِّر الله الأوقات والأزمنة، ولقد بذلوا جهوداً مستميتة واستخدموا كل الطرق الشرعية وغير الشرعية لإبقاء تعاليمهم الطقسية ثابتة أمام تعاليم المسيح الروحية لكن هيهات!! لقد امتلأ الزمان وانتهى عصر الناموس ولا يمكن أن ترجع عقارب الساعة للوراء!! وللحديث بقية (يتبع) 

الاثنين، 7 ديسمبر 2015

أحاديث من القلب

الأوقات والأزمنة (3)
فخرى كرم
«روح السيد الرب عليَّ لأن الرب مسحني... لأنادي بسنة
 مقبولة للرب وبيوم انتقام لإلهنا» (أش61: 1، 2)
احدى النبوات الرائعة التي تنبأ بها اشعياء عن ربنا المعبود من قبل مجيئه للأرض بمئات السنين، يتنبأ فيها عن أن الروح القدس سيمسح يسوع للخدمة وسط شعبه، وهذه الخدمة ستنقسم إلى مرحلتين زمنيتين، المرحلة الأولى يُرمز إليها بـ «سنة» أي أنها مرحلة زمنية طويلة وممتدة وتشمل أقسام وفصول مختلفة، انها «سنة الرب المقبولة» وهي تشير إلى زمن النعمة الذي بدأ بالمجيء الأول لربنا إلى العالم، وهذه المرحلة تتميز بأن الله «يقبل» فيها الإنسان مهما كانت حالته منحطة ومزرية، في هذه المرحلة يتنبأ اشعياء أن الرب سيبشِّر المساكين ويعصب منكسري القلوب وينادي للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالإطلاق.
أما المرحلة الثانية فيُرمز لها بـ «يوم» أي أنها مرحلة قصيرة وليست ممتدة، انها «يوم انتقام لإلهنا» وهي تشير إلى وقت الدينونة الذي سيبدأ بالمجيء الثاني لربنا المبارك، انه الوقت الذي سينتقم فيه الرب من الأشرار الذين أساءوا إلى شعبه وأذاقوهم مرارة الحزن والعبودية، ولأن الرب ليس فقط مُنعم ومُخلِّص لكنه أيضاً محب للعدل ويبغض المختلس بالظلم فلابد أن يكون هناك وقت للانتقام من الشر، والغريب أن نفس الشخص الممسوح ليكرز بسنة النعمة هو نفسه الممسوح لتتميم يوم الإنتقام، انه ربنا يسوع المسيح له كل المجد، ولأن اشعياء يرى الأحداث بمنظور نبوي نجده يتكلم عن هاتين المرحلتين كما لو أنهما متقاربتين رغم أن الفرق بينهما زمنياً مئات السنين!!
ومرت السنين وأتى ربنا في مجيئه الأول وعاش وسط شعبه المُذل والمُهان، وعندما أكمل الثلاثين من عمره ذهب للمعمودية من يوحنا لكي يُكمل كل بر، وهناك انسكب عليه روح السيد الرب ومسحه للخدمة، وكانت هذه هي بداءة تتميم نبوة اشعياء في شقها الأول، مرحلة زمن النعمة الذي يفتح الله فيها أحضانه للإنسان المُعذَّب ليجد الراحة والسلام، وعندما جاء ربنا إلى الناصرة حيث كان قد تربَّى ودخل المجمع وقم ليقرأ دُفع إليه سفر اشعياء النبي، وبقيادة إلهية فتح السفر فوجد الموضع الذي كان مكتوباً فيه هذه النبوة العظيمة، وقرأ ربنا بحكمة شديدة أقوال النبوة حتى «سنة الرب المقبولة» ولم يُكمل الجملة المكتوب فيها «يوم انتقام لإلهنا»، ثم طوى السفر وسلمه إلى الخادم وجلس.
كان ربنا يعرف معنى الأوقات والأزمنة ويعرف كيف يميِّز بينها، كان يعرف أنه في مجيئه الأول سيكرز بسنة الرب المقبولة فقط، وسيسلِّم للكنيسة مهمة هذه الكرازة بعد صعوده للسماء، وأن هذه «السنة» ستمتد لفترات طويلة وستمر بمراحل كثيرة لكل مرحلة سماتها المختلفة، ولذلك لم يقرأ «يوم انتقام لإلهنا» لأن هذا الانتقام مؤجل حتى موعد مجيئه الثاني إلى الأرض، عندما يرجع ليس كالمخلص المُنعم بل كديان الأرض كلها!!

اننا مازلنا في مرحلة «سنة الرب المقبولة» وإن كنا نقترب بشدة من نهايتها الوشيكة، ليتنا نعرف كيف نميز زمن افتقادنا ونتعلق بنعمة الرب التي مازلت تفتح أحضانها للإنسان، قبل فوات الوقت وضياع الفرص وتغيُّر الزمان، حين لا يبقى أمام الإنسان سوى مواجهة انتقام الله المخيف!! وللحديث بقية (يتبع)

الثلاثاء، 1 ديسمبر 2015

عظات مختارة للأخ : فخرى كرم . روابط مباشرة .

الرابط التالى مرفوع عليه 14 عظة صوتية مختارة للأخ : فخرى كرم . بروابط مباشرة .
https://archive.org/details/yousefsaad2003_gmail_201511



الرابط التالى مرفوع عليه  44 عظة صوتية مختارة للأخ : فخرى كرم . بروابط مباشرة .
https://archive.org/details/yousefsaad2003_gmail_20151130