سبعة أرواح الله (50)
بقلم : فخرى كرم
قلنا إن مسحة الروح
لربنا يسوع الملك والكاهن والنبي كانت مسحة كاملة وأبدية، وهي أيضا مسحة فائضة
تنزل من الرأس إلى كل أعضاء جسده ، حيث صرنا شركاء للرب في هذه المسحة حتى أن
الكتاب يدعونا ملوكاً وكهنة وأنبياء، واليوم نقول إن اشتراكنا في هذه المسحة ليس
من قبيل الامتياز بقدر ما هو مسئولية جسيمة.
الرأس يعمل بواسطة
الجسد
إن روح المسحة الذي فاض
على شخص ربنا وملأه إلى كل ملء الله يتحرك اليوم في الكنيسة ليعطي لأفرادها أن
يشاركوا في ذات المسحة، وذلك تأكيدا لحقيقة في غاية الأهمية وهي أن عمل مسحة ربنا
يتم اليوم في العالم من خلال جسده الذي هو الكنيسة، فالرسول يقول عن الكنيسة إنها
ملء - كمال أو تتميم - الذي يملأ الكل في الكل (أف 1 : 23 ) أي أن الكنيسة هي أذرع
الرب وأرجله وعيونه التي تجول في هذا العالم، أن مسحة الرب الكاملة ووظائفه السامية
تؤثر في العالم الحاضر من خلال المؤمنين الذين يحمل كل منهم جزء من هذه المسحة،
وبدون عمل الكنيسة في إظهار وإعلان هذه المسحة تظل كمالات الرب هذه خافية عن
العيون بعيدة عن متناول العالم الهالك المحتاج بشدة إلى ملك الرب وكهنوته وتعليمه،
إننا نؤكد ونكرر أن المؤمنين لا ينالون مسحات جديدة خاصة بهم بعيدا عن مسحة ربنا
له المجد، لكنهم فقط يشاركون في إظهار مسحة الرب الكاملة للعالم الحاضر.
كيف نشارك في مسحة
الملكوت ؟
ملك الرب في هذا الزمان
الحاضر هو ملك روحي على قلوب المؤمنين، أما ملكه في الزمان الآتي فهو ملك روحي
ومادي على كل الأرض، والمؤمنون يشاركون الرب ملكه سواء الروحي حالياً أو المادي
مستقبلا (لو 19 : 17 ، رؤ 5 : 10 ) إننا نشارك في ملك الرب عندما نقدمه إلى النفوس
رباً ومخلصاً، وبمساعدة هذه النفوس لكي تنخرط تحت ملكه الروحي، ونهيىء لها المعونة
والظروف المواتية لكي تلتصق بهذا الرأس الملك وتخضع له.
مع كل نفس تأتي بها إلى
ملكوت الله نحن نؤيد ملكوت ربنا ونثبته في هذه الأرض، لقد كان الروح في الأيام
الأولى يضم إلى الكنيسة في كل يوم الذين يخلصون، وهذا العمل كان يتم من خلال خدمة
التلاميذ والرسل في وسط العالم، أن الروح لا يضم الناس إلى الرب بدون عمل
المؤمنين، إذ كيف يسمعون بلا كارز ؟!
هناك من يضم النفوس إلى
نفسه ويضعهم تحت سلطانه، وهناك من يضم الناس إلى كنيسته ليزيد عددها وتفتخر على
باقي الكنائس !! لكن المؤمن الممسوح بمسحة الملكوت يسعى ليضم النفوس إلى الرب فقط،
ويعمل على أن يكون للرب السلطان الكامل على هذه النفوس دون أن يطلب لنفسه ولو
قدراً ضئيلاً من طاعة هذه النفوس وخضوعها.
وكيف نشارك في الكهنوت
؟
لقد فتح رئيس كهنتنا
العظيم الطريق إلى الأقداس بدم نفسه فوجد لنا فداءً أبدياً، لكن هذا الفداء الأبدي
في حاجة لمن ينقله إلى الناس، العالم البائس يرزح تحت خطاياه دون أن يعلم أن له
فداءً أبدياً، من يأخذ بأيدي الناس ويدخل بهم إلى ما وراء الحجاب المشقوق ليجدوا
هم أيضا رحمة ونعمة عونا في حينه؟ إن الكنيسة ينبغي أن ترفع صلوات لأجل العالم حتى
يعرف الله، ينبغي أن تقف أمام الله لأجل الإنسان وتقف أمام الإنسان لأجل الله حتى
يلتقيا.
وهنا نقول إن الكنيسة
لا تشفع في الناس على أساس بر فيها ، كلا، بل هي تشفع على أساس شفاعة الرب الكاملة
وعمله الكامل الذي عمله على الصليب، إن شفاعة الكنيسة هي على أساس ذبيحة المسيح
الكاملة المقدمة أمام الله مرة وإلى الأبد، إن الكنيسة ليس لها مسحة كهنوت خاصة
بها بل هي فقط تعلن كهنوت المسيح وتظهره للناس ليظل معلن في كل الأجيال ويلمسه كل
إنسان.
طلب الرسول من المؤمنين
أن يصلوا دائما لأجل كل إنسان وكل شيء في كل وقت، وهو نفسه كان يحني ركبتيه دائما
بصلوات وتضرعات لأجل كل المؤمنين. إن لنا بابا مفتوحاً لا يستطيع أحد أن يغلقه
ولنا فداءً أبدياً وجده لنا ربنا المعبود، وإذا لم ندخل في كل حين إلى ما وراء
الحجاب لأجل أنفسنا ولأجل الآخرين فإننا نكون مجرمين في حق أنفسنا وحق الآخرين
(يتبع).