الثلاثاء، 31 ديسمبر 2013

أحاديث من القلب


السجود و العطاء
فخرى كرم

«فخروا وسجدوا له، ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا: ذهباً ولباناً ومراً» (مت2: 11)
 
عندما تعاملت النعمة مع قلوب هؤلاء المجوس الأغراب تجاوبوا فوراً مع تعاملاتها بالإيمان الحي العامل، الإيمان الذي دفعهم للسفر مسافات شاسعة وشهور طويلة لكي يقدموا سجودهم واعترافهم الحسن أمام طفل بيت لحم، وحالاً بعد السجود فتحوا كنوزهم وقدموا الهدايا، فلا يوجد سجود بدون عطاء، ولا توجد عبادة حقيقية لا يتبعها تكريس للحياة، ولا توجد محبة ذات قيمة لا تعبِّر عن نفسها بالبذل والتضحية!!
ونفس هذه الأمور وبنفس الترتيب تحدث في حياة كل واحد منا، أولاً تتعامل معنا النعمة بأساليبها المختلفة لكي تقودنا للإيمان بربنا يسوع المسيح مخلصاً وفادياً، وعندما نتجاوب بالإيمان الحي مع هذه التعاملات فإنها تقودنا للعبادة والسجود في عرش النعمة، وإذا تعلَّمت نفوسنا كيف تنحني بخضوع وطاعة أمام إلهنا وذاقت حلاوة ومجد الشركة معه فسوف تفتح تلقائياً وبسرور كل كنوزها لتبذلها عند قدميه!!
وهذه الكنوز التي يمكننا تقديمها ثلاثة أنواع:
(1) ذهب: الذهب في كلمة الله يشير عادةً إلى طبيعة الله ولاهوته، ونحن بعد الإيمان يسكن فينا روح الله فنصير شركاء الطبيعة الإلهية، بعد الإيمان نحن نمتلك «كنزاً» في أوانينا الخزفية، وكل عمل نعمله بقيادة وقوة الروح القدس الساكن فينا هو «ذهب» في موازين الله وتقديره، فالله يطلب أن يكون سجودنا «بالروح والحق» (يو4: 23) وأن يكون كلامنا «كأقوال الله» وخدمتنا من «قوة يمنحها الله» (1بط4: 11) أما العبادة والشهادة والخدمة النابعة من كياننا الخزفي فهي قليلة النفع وعديمة القيمة في موازين الله!!
(2) لُبان: هو بخور طيب الرائحة كان يُستخدم في رفع رائحة سرور أمام الله في الهيكل، وهو يشير إلى السلوك الإنساني المُرضي لله والمتمم لوصاياه، ولقد اكتمل رمز البخور في حياة ربنا يسوع المسيح الذي شهد عنه الآب قائلاً «هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت» (مت 3: 17) وأن نقدم لله «لُباناً» يعني أن نسلك في حياتنا العملية سلوكاً يُدخل السرور لقلبه، سلوكاً بحسب مشيئته ووصاياه، سلوكاً يشبه ويقتفي خطوات ربنا يسوع المسيح، الله ينتظر أن نضع أمامه على المذبح محبة وطاعة وقداسة وغفراناً وصبراً وإيماناً..، وكلها ذوات روائح عطرة ومقبولة!!
(3) مُر: هو مادة صمغية شديدة المرارة كانت تدخل في تركيب زيت المسحة المقدس، وهو يشير إلى تعب المحبة الذي نقدمه في حياتنا وخدمتنا لله، فالمحبة تُقاس بحجم الألم الذي نتكبده لأجل مَن نحب، فالرب عندما أحبنا أسلم نفسه لأجلنا ونحن إذا أحببناه وأردنا أن نتبعه فلابد أن نحمل صليباً، إن تعب المحبة الذي نقدمه في حياتنا وخدمتنا للرب ذو قيمة عظيمة في عينيه، فهو يحفظ دموعنا عنده في زقٍ مثل الكنز الثمين حتى يمسحها بيديه في الأبدية!!
ليتنا في العام الجديد نفتح كنوزنا ونقدم هدايانا لربنا المعبود، وكل عام وأنتم بخير. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق