الخميس، 22 فبراير 2024

أحاديث من القلب

 

سبعة أرواح الله (64)

بقلم : فخري كرم

بعد أن تتبعنا الصور الرمزية لشخص الروح القدس في الكتاب المقدس ورأينا صورة « الحمامة» التي تحدثنا عن روح الوداعة ، و راقبنا بخشوع صورة «النار» التي تشير إلى روح القداسة والتطهير ، وسمعنا صوت «الريح» التي تخبرنا عن الروح الخفي الذي لا يمكن وضعه تحت المراقبة أو التوقع ، ووقفنا أمام ينبوع «المياه » الحية الذي يرمز إلى روح الشبع والحياة ، وشممنا الرائحة العطرة ل «زيت» المسحة المقدس الذي أشار إلى روح الخدمة والعمل ، وتذوقنا «الخمر» الجيدة التي تشرح لنا تعزية الروح ومعونته لحياتنا ، حان الوقت الآن لنتقدم إلى آخر أسفار الكتاب لنرى آخر الصور الرمزية التي دونت في كلمة الله ، الصورة التي اقتبسنا منها عنوان هذه السلسلة من المقالات ، وهي في الواقع صورة مزدوجة وإن كانت تشير إلى معنى واحد ، ألا وهي صورة :

المصباح المنير والعين الثاقبة!!

« وأمام العرش سبعة مصابيح نار متقدة هي سبعة أرواح الله» (رؤ4: 5)

« ورأيت ...خروف قائم كأنه مذبوح له سبعة قرون وسبع أعين هي سبعة أرواح الله المرسلة إلى كل الأرض « (رؤ5: 6)

والواقع أن هاتان الصورتان - المصباح المتقد بنار والعين - تتحدان في أكثر من موضع مما يؤكد أنهما صورة واحدة مزدوجة تشير إلى معنى واحد :

«هذا يقوله ابن الله الذي له عينان كلهيب نار .. فرس أبيض والجالس عليه يدعى أميناً وصادقاً وعيناه كلهيب نار .. وعيناه كمصباحي نار» (رؤ۲: ۱۸، 19 : 12 ، دا 10 : 6) والجدير بالملاحظة هنا أن النار في هذه الأجزاء ليست نار الفرن التي تمتحن وتطهر التي تكلمنا عنها من قبل ، بل هي النار التي كانت تستخدم لإنارة المصابيح والسرج قديماً ، النار التي تنير الظلمة وتكشف المستور لكي تستطيع العين أن ترى حقيقة الأشياء بوضوح !! العين تستطيع أن تبصر الأشياء الموجودة في النور ، أما الأشياء الموجودة في الظلمة فالمصباح ينيرها لكي تستطيع العين أن تراها أيضا ، إذا فالعين والمصباح هما وسيلة الإنسان لإدراك حقيقة الأشياء المحيطة به ، الأشياء الموجودة في النور وأيضا تلك الموجودة في الظلام ، أي أن صورة المصباح المتقد والعين تريد أن تخبرنا عن الروح القدس باعتباره

روح الحق

أحد الأسماء التي أطلقها رب المجد على الروح القدس هو «روح الحق» ( يو 26 : 15 ، 16 : 13) أي انه الروح الذي يدرك حقيقة كل الأشياء ، لا شيء يخفى عن عينيه ، كل شيء عريان و مكشوف أمامه ، حتى الظلمة لا تظلم لديه ، كالظلمة هكذا النور ، مهما اكتنفت الظلمه حياتي فروح «المصباح» يضيء سراجي و ينير ظلمتي (مز ۱۸: ۲۸) لو قلت الظلمة تغشاني أجد الليل مثل النهار يضيء ( مز ۱۳۹: 11 ، 12) دائرة معرفته لا حدود لها ، فهو يعرف « جميع الحق» (يو 16: ۱۳) ويستطيع أن يعلمنا «كل شيء»  (يو 14: ۲۹) و « كل شيء» هذه تعني :

كل شيء في الأرض

          عيناه تجولان في كل الأرض وتراقبان كل الأمم (۲ أي 16 : 9 ، مز 66: 7)  عيناه مفتوحتان على كل طرق بني آدم ليعطي كل واحد حسب طرقه (إر ۳۲: 19) إنه يعرف جلوسى و قيامي ، يفهم أفكاري المختفية بداخل عقلي ، يعرف دوافعي إذا سلكت ويدرك أهدافي إذا ربضت ، يعرف كل كلمة في لساني قبل أن أنطق بها ، بل أن تلك العينين المباركتين قد رأتا كل أعضائي وعدتا عظامي قبل أن تراني عيني أمي، أين أذهب إذاً من هذا الروح المبارك ؟ أنه يحاصرني من خلف ومن قدام ( مز۱۳۹ ) إنه يعرف كل الحق عن كل ما في الأرض..

.. وفي السماء أيضا !!

يقول الكتاب : «لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله» (1كو ۲: ۱۰) أي أن روح «العين» يرى كل ما يدور في قلب إلهنا المبارك، يعرف كل ما يجول في فكره ومقاصده ، فهو موجود دائماً «أمام العرش» (رؤ4: 5) وفي ذات الوقت هو مرسل إلى «كل الأرض» ( رؤ5: 6) أي أن دائرة علمه تمتد من عرش الله نفسه إلى أطراف الأرض، من أعماق الله وحتى أعماق الإنسان ، من أعماق النور الذي لا يدنى منه في السماويات إلى أعماق الظلمة الحالكة في أقسام الأرض السفلي !! وللحديث بقية .

 

 

 

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق