الخميس، 18 أبريل 2024

أحاديث من القلب

 

سبعة أرواح الله (69)

بقلم: فخري كرم

قلنا إن رمز المصباح والعين يشير إلى شخص الروح القدس في عمله كروح المعرفة والإعلان الذي يكشف وينير كل شيء ولا يخفى عنه شيء وهو الذي نحتاج إليه لكي يكشف أمامنا مواضع العثرة فلا نعثر في طريقنا، سواء أتت العثرة من أنفسنا أو من الآخرين أو من إبليس، كما نحتاج إليه أيضا لكي يكشف أمامنا أعماق الله حتى نستطيع أن نعرف شخصه ونتجاوب مع مشيئته، واليوم نضيف أن هذا الرمز أيضا يشير إلى عمل الروح باعتبار ما يلي:

مراقب كل الأرض

«ليست خليقة غير ظاهرة قدام إلهنا، بل كل شيء عريان ومكشوف لعيني ذاك الذي معه أمرنا» (عب 4: 13) الله يعرف كل ما يدور في الأرض ويراقب كل تصورات قلوب البشر، والمسؤول عن هذه المعرفة هو روح العين المبارك كما نقرأ عنه في (رؤ 6:5) «سبع أعين هي سبعة أرواح الله المرسلة

إلى كل الأرض» وفي (زك 4: 10) «إنما هي أعين الرب الجائلة في الأرض كلها» وفي (۲ أي 16: 9) يقول حناني الرائي «لأن عيني الرب تجولان في كل الأرض ليتشدد مع الذين قلوبهم كاملة نحوه».

الأسفار!!

 روح الله يراقب ويفحص قلوب وأفكار البشر ويدون كل ما يراه في «أسفار»!! لا يوجد شيء في حياة الناس إلا وهو معروف و محفوظ أمام الله، وقريبا سيأتي يوم الدين الذي تفتح فيه هذه الأسفار ويدان البشر مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم (رؤ 20 : 12) من لم توجد أسماؤهم في « سفر الحياة » سيدانون بما هو في الأسفار بحسب أعمالهم، والمقصود بأعمالهم ليس فقط الأعمال الخارجية الظاهرة بل أيضا الكلمات والأفكار السرية التي ظلت حبيسة الأعماق الخفية!! قال عن هذا رب المجد « إن كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حسابا يوم الدين» (مت 12 : 36) والرسول بولس يؤكد أن الرب في هذا اليوم سيدين « سرائر» الناس أي أفكارهم ورغباتهم التي ظلت سراً في أعماقهم (رؤ 2 : 16) ويقول حكيم الأجيال « افرح أيها الشاب في حداثتك وليسرك قلبك في أيام شبابك وأسلك في طرق قلبك وبمرأى عينيك واعلم أنه على هذه الأمور كلها يأتي بك الله إلى الدينونة، لأن الله يحضر كل عمل إلى الدينونة على كل خفي إن كان خيرا أو شرا» (جا 11 : 9 ـ 14) . ليت الأشرار يعرفون هذه الحقيقة المرعبة منذ الآن لكي يهربوا إلى المسيح فلا يستطيع أن يمحو ما قد كتب في «الأسفار» إلا دم المسيح!!

والمؤمنون أيضا

المؤمنون أيضا يحتاجون لمعرفة هذا الحق، فمعرفة الله لأعمال البشر وتدوينها ومحاسبتها ليست قاصرة على أعمال الأشرار فقط بل أيضا المؤمنين، وإن كان الأشرار تدون أعمالهم في «الأسفار» التي ستفتح أمام العرش الأبيض العظيم فأعمال المؤمنين أيضا ستمتحن بنار أمام كرسي المسيح قبيل عشاء العرس العظيم، يقول الرسول «عمل كل واحد سيصير ظاهراً لأن اليوم سيبينه، وستمتحن النار عمل كل واحد ما هو» (1كو ۱۳:۳) وإن كان إظهار أعمال الأشرار هو دليل وصك دينونتهم فإظهار أعمال المؤمنين هو لتحديد مكانهم ومكانتهم في المجد (لو19 : 17) . كل عمل في حياتنا ليس بحسب إرادة إلهنا ستلتهمه النار وسنخسره!!

سبب الضلال

إن سبب أي ضعف أو خطية أو ضلال في حياة المؤمنين هو غياب هذا الحق الثمين عن أذهانهم. عندما يسمح المؤمن بخطية تسكن مخادع نفسه فهو لا يدرك أن الرب يراه، قد يعترف باللسان بهذا الحق لكن يبقى لسان حال أعماقه هو ما قاله شيوخ بيت إسرائيل قديماً «الرب لا يرانا!! الرب قد ترك الأرض» (حز8: 12)

وأصل القداسة!!

إن هذا الحق الثمين هو أصل لكل قداسة يمكن أن توجد في حياتنا، لو كنا نسير كل أيامنا وبداخلنا يقين أن الرب يراقب أعماقنا فلن نسمح لفكر رديء أن يتسلل إلى أذهاننا أو تصور قبيح أن يسكن في أعماقنا أو هدف شرير أن يتكون في إرادتنا!! لو عشنا ساعات يومنا في ضوء «كرسي المسيح» حيث كل شيء يمتحن بنار فلن نسمح بالوجود في حياتنا إلا للذهب والفضة والحجارة الكريمة!!

هذا الحق الثمين كفيل بأن يجعل قداستنا هي قداسة السر وليس فقط العلن، إدراكنا أن روح الله يراقب أعماقنا سيجعلنا نهتم بأن تكون أعماقنا مقدسة ومرضية أمامه، وعندما أدرك المرنم قديما أن الرب يعرف مسلكه ومربضه ويفحص جلوسه وقيامه، بل إنه يعرف الكلمة وهي بعد في لسانه والفكرة وهي بعيدة في أعماقه، كان رد فعله الطبيعي أن يقول «اختبرني يا الله واعرف قلبي، امتحني واعرف أفكاري، وانظر إن كان في طريق باطل واهدني طريقاً أبدية» (مز 139: 23).

أحيانا نهتم بالظاهر أكثر من الباطن لأننا نخشى دينونة الناس أكثر من دينونة الله!! نهتم بأن نكسي أنفسنا بثياب جميلة يرضى عنها الناس لكيلا يروا قبح أعماقنا المستترة، وننسى أن كل شيء «عريان» أمام عيني إلهنا!! الناس تنظر إلى العينين أما الرب فينظر إلى القلب، وقلوبنا عريانة أمامه لا يسترها شيء، فدعونا إذا نهتم بقداسة القلوب (يتبع).

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق